الحب الحرام تأليف .. أنس أبو غنام

جسد الأمّة المثخن بالجراح والآلام .. الممتلئ تعباً والمتعب ألماً .. أوجعته هموم الحياة حتى نهشت لحمه ونخرت عظمه وأحرقت جلده بنار أشعلها أبناؤها وألهبوها بأفعالهم التي جاوزت كل حدّ وضابط .

فعلى الرّغم من أوجاع الجسد وهمومه إلّا أنّ همّ قلبه أنساه كل همّ .. فما "الحبّ الحرام" الذي استعمر قلوب شبابنا وشابّاتنا .. ما هو إلّا همٌّ قد استعمر قلب أمّتهم النّابض الذي به يحيى جسدها وينتبه إلى ما به من سقم وألم .. فما أن يصحو من غفلته .. وينتبه من سقطته .. حتى يسارع في درء الدّاء وجلب الدّواء .

إن ممّا زاد هذا الداء خطورة أنّه إذا نزل في قلب احتلّه واجتاحه .. وتجذّر في القلب حتى تصعب إزالته بالطّرق التقليدية .. فينبت غشاوة تحيط القلب إحاطة كامله تعزله عن جسده فتنسيه هموم الجسد .. وتشغله بجراحاته التّافهة التي تنزف عاطفة فاسدة .. وتستنزف بنزيفها طاقات الشّباب عن نصر أمّتهم ورفعتها .. إذ أنستهم جراحات قلوبهم من الحبّ جراحات أمتهم .

فيا شباب الإسلام .. يا من أمّلنا بكم أسباب النصر والعزّة .. أتشغلك عاطفة شهوانيّة .. وتستهويكم غريزة حيوانيّة .. عن حبّ ربّ البريّة ..؟؟!!
أتشغلكم عن هدفكم الأسمى الذي شرّفكم الله به .."نصر الأمّة" .

حبّان في قلبٍ لا يجتمعان .. حبّ الله وحبّ الحرام .. فاختر لقلبك ماذا تملؤه .. واعلم أنّك إذا ملأته بأحدهما لم يبق متّسعاً للآخر .. فحبّ الله يسمو بك في سحائب المغفرة .. وحدائق الجنان .. تغرف من نهر السّعادة .. وتستنشق عبير الاطمئنان ، وإلّا غدوت فريسة سهلة للشّيطان .. يتحكم بأفعالك .. ويوجه تصرّفاتك حتى تصبح كالعبد المأمور .. أسير عواطفك وسجين آثامك .. يدنو بك في عالم الرذيلة .. ويغرقك في وحول الذّنوب والعصيان .. تغرف من نار النّدامة وتستنشق نتن القلق ..!!

أنت الّذي بيدك الاختيار .. إمّا أن تنسج خيوط نورك الأبديّ الّذي يعطيك دفء السّعادة والاطمئنان .. أو تحيك خيوط النّار التي ستلهب حياتك بالمآسي .. وتوقدها بالمصائب ، وإيّاك أن تنسى حياتك الأبديّة التي تنتظرك بعد حياتك وتبدأ صفحاتها عند مماتك .. فإمّا أن تكون صفحات ملتهبة بنار الذنوب .. ومتفحّمة بلهيب الآثام التي لطالما أوقدتها بأفعالك وعواطفك الدنيّة السيئة .. وإما أن تكون هذه الصّفحات منيرة أيّما نور .. يتجلى في شعاعه الفرح والسّرور .. فأنت من زوّدت هذا النور بأفعالك الخيّرة التي أضاءت بها حياتك الأخرى .. لتستحق بعد ذلك غرف الجنّات .. والقرب من ربّ الأرض والسّماوات .

فها هو نور كلماتي يبدّد ظلام قلبك وعتمة فؤادك .. لتشرق من هذه الّلحظه شمس الإيمان .. فتحرق بنورها بقية الذّنوب والعصيان .

فطوبى لك إن اتّبعت سبيل الفائزين .. والتحقت بجموع التّائبين .. وهذا ما سيكون بإذن ربّ العالمين .

اجعل رضا الله أوّل أولوياتك ..
والجنّة هدفك ..
والحور نصب عينك ..
لتفوز بجنة الدّنيا وجنة الآخرة بإذن الله .