قال الامام الشافعي :
بقدر الكد تكتسب المعالى *** ومن طلب العلا سهر الليالى
ومن رام العلا من غير كد *** اضاع العمر فى طلب المحال
تروم العز ثم تنام ليــــــلا *** يغوص البحر من طلب اللالى
هذا الشعار يحمله كثير من الشباب اليوم ، فهم لا يألون جهدا في إتعاب أبدانهم ، وإسهار أعينهم ، وإشغال كل جزء من تفكيرهم …لكن ـ للأسف ـ ليس على طريقة الشافعي رحمه الله ، في الطموح والسعي لاكتساب الفضائل ، وإنما على طريقة جحا …يحكى أنه في ليلة من الليالي مر رجل بالقرب من دار جحا ، فوجده جالسا يتأمل في النجوم ، فسأله عن سبب جلوسه إلى هذه الساعة المتأخرة من الليل فأجابه قائلا : ألم تسمع قول القائل : من طلب العلا سهر الليالي ؟!!
هذا حال الكثير من شبابنا ، شباب المستقبل ، ورجال الغد ، وعضد الأمة ، المعول عليهم في حمل راية النهضة … فهم يقضون سحابة من النهار في اللهو واللعب ، ويسهرون ليلهم …نصفه أو ثلثه ، أو أقل ، أو أكثر ، في غرف المحادثات والمهاترات التي ليس من ورائها طائل …وآخرون لا أحدثكم على ماذا يسهرون …ففي القلب أشياء وفيكم فطانة …وأحسنهم من يقضي وقته في لعبة من ألعاب الحاسوب…إلعب ولا تستعجل ، لأن أطفال غزة سوف ينتظرونك حتى تفرغ من لعبتك من أجل أن تدعو الله لهم أن يخفف ما هم فيه من الكرب … اتذكر أن أستاذة العلوم الطبيعية ونحن طلاب في الإعدادي دخلت علينا فوجدت القاعة قد عجت بالفوضى فانتهرتنا وقالت : هل تعلمون أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حملوا لواء الجهاد في مثل سنكم ؟؟ في سن الخامسة عشرة والسادسة عشرة؟...كانت كلمات قاسية ، وجدت وقعها في قلبي ، ومازالت ترن في أذني منذ ذلك الحين .وإن كان البعض الآخر لم يعر أي اهتمام لكلامها ، ولم يحمله على محمل الجد .فرحمة الله عليك يا أستاذة حية وميتة ، فمثلك تبقى كلماته خالدة في الذاكرة ، لا تمحوها السنين.